ذهبت حكومة سلام فياض ، وجاءت حكومة الحمدالله ، وقبل الحكومتين تعاقبات حكومات كثيرة والمشكلة كما هي لم تحل ، مشكلة التعليم والمعلمين تتجدد مع كل بزوغ نور حكومة جديدة ، والاضراب وايقاف المسيرة التعليمية سيد الموقف .
السؤال الذي يفرض نفسه ، من يحكم البلد؟، هل الحكومات المتعاقبة هي التي تحكم وتتحكم بالبلد؟ ، وان كانت تحكم البلد لماذا تتبع نفس السياسة فيما يتعلق بمشاكل وقضايا الناس ، هل بنيت المؤسسات الحكومية على قاعدة افقار الناس بغض النظر من على رأس الحكومة ، ام ان هناك من يحكم من وراء ستار؟ .
الطبيعي ان تكون حكومات شعب يعيش تحت الاحتلال جزء من مقاومة الاحتلال وجزء من دعم صمود الناس ، لا أن تكون عبىء على الناس تحاربهم في لقمة عيشهم .
الازمات المالية المتعاقبة والمفتعلة حينا ، والحقيقية حينا اخر منذ حكومة فياض حتى اللحظة لم تتغير ، ولم تجد حكومات السلطة الوطنية الفلسطينية ضالتها للخروج من أزمة يتحمل الشعب الفلسطيني اثارها وانعكاساتها .
لقد انتقدنا حكومة سلام فياض والحكومات التي سبقته بسبب توزيع الموازنة السنوية للسلطة الوطنية الفلسطينية التي لا تراعي الحد الادنى من تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، فكانت الموازنة وما زالت تعطي الأمن الحصة الاكبر من الموازنة في حين تتجاهل الحكومة القطاعات ذات الاولوية الكبرى لشعب يعيش تحت الاحتلال وهي التعليم والصحة والزراعة .
مما يجعلنا نعتقد ان الخط الواصل بين الحكومات المتعاقبة للسلطة الوطنية الفلسطينية يتكون من سياسة ومنهجية مشتركة تقوم على أساس:
اولا: العقلية الامنية المسيطرة والمتجذرة في بنيان السلطة الوطنية الفلسطينية ، والتي تقوم على أساس أن الامن اولوية كبرى ، ويتجلى ذلك من خلال الحصة التي تعطى للامن من الموازنة والتي تصل الى 34% من اجمالي الموازنة ، بالاضافة الى الاهتمام الكبير بتأسيس جامعة عسكرية تقدم التعليم والتدريب المجاني لرجال أمن مستقبلين ، هذا عوضا عن التدريب وتكاليفه .
ثانيا : اهمال التعليم والمسيرة التعليمة رغم اهمية العلم والتعليم لشعب يرزح تحت الاحتلال ، ولما للعلم من اهمية في احداث تنمية بشرية حقيقية تنعكس على باقي مجالات التنمية ، فمن أزمة الجامعات الى أزمة المعلمين في المدارس الاساسية ، ازمة تتجدد دون وضع أسس حال تنصف الطلبة والمعلمين .
ثالثا: افقار الناس وتحميلهم اعباء معيشية اضافية من خلال فرض الضرائب من جهة ، وغلاء الاسعار والمعيشة من جهة اخرى ، وتأكل الرواتب مع مرور الوقت دون التفكير في سياسة واضحة وبدائل مجدية تضع حدا لحالة الانحدار والتراجع الاقتصادي تساعد المواطنين على تأمين احتياجاتهم الاساسية والحفاظ على كرامتهم .
أزمة الرواتب التي يعاني منها الشعب الفلسطيني باكمله لا تنحصر في المطالبة بزيادتها ، وانما تشير الى أزمة حقيقية فيما يتعلق بالمنهجية والسياسات التي تحكم وتتحكم بالمواطنين، من ابرز ملامح تلك المنهجية والسياسة أنها تفتقد للحد الادنى من العدالة الاجتماعية .
المواطنون يريدون رواتب تكفيهم وليس رواتب تغنيهم، وهذا يتحقق من خلال النظر الى الامور بنظرة شمولية ، تشمل قضية ارتفاع أسعار الاحتياجات الاساسية، واستغلال الشركات الاحتكارية من اتصالات وكهرباء وغيرها ، بالاضافة الى تكاليف التعليم عالية الثمن ، فالمطلوب هو عكس تلك السياسات لتتحول الى سياسات تقوم على اساس التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وهذا لن يتحقق طالما ان النقابات والمؤسسات المعنية واحزاب المعارضة لا تتحرك بشكل كافي وتعمل بشكل منفرد دون الاتفاق على رؤية وخطة عمل مشتركة تشارك فيها جميع فئات الشعب للضغط على الحكومة لتبني سياسات عادلة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق